-
اتبعني
تابعني على تويتر
-
التدوينات RSS
اشترك في خدمة RSS
-
فيس بوك
انضم للمعجبين في FACEBOOK
0 الموضوع الثالث لفريق التسويق الدعوى
السبت، 1 أكتوبر 2011
التسميات:
نشاط الفريق
محاضرة الدكتور راغب السرجاني: المرجعية الإسلامية ضرورة لنهضة مصر
قصة الإسلام - موقع أنصار بورسعيد
القى فضيلة الأستاذ الدكتور راغب السرجاني محاضرة بعنوان المرجعية الإسلامية وضرورتها لنهضة مصر بمسجد التوفيقي ببورسعيد.
ووصف فضيلة الدكتور راغب السرجاني موضوع المحاضرة بأنه من أخطر الموضوعات التي ينبغي أن يتناولها المسلمون في زماننا الآن لأننا في فترة حساسة للغاية ليس في تاريخ مصر فقط ولكن في تاريخ العالم أجمع وقد شاء لنا الله أن نختبر في هذه الفترة ونسأل عنها إن السنة الحالية قد تكون حجر الزاوية التي تنطلق منها الأمة الإسلامية لمكانتها التي تستحقها {كنتم خير أمة اخرجت للناس}, وإن خيرية الأمة وشهادتها على الأمم السابقة لن تكون بدون تمسكها وحفظها للقرآن والسنة وهما المرجعية السليمة للأمة.
وفي هذه الفترة يتم عرض مناهج غير إسلامية تسمى ليبرالية وعلمانية ويتم الترويج لها بقوة في وسائل الإعلام المختلفة ويتسائل الناس ماذا نتبع وعلى أي منها نسير؟ وتأتي الإجابة بأنه لا يمكن أن نتبع سوى المنهج الإسلامي وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا" والتمسك يدل على أنه سوف يكون هناك سخرية وصعوبة واستهزاء وأيضًا لن تضلوا تشمل أننا لن نضل سياسيًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا أو حتى في علاقاتنا الخارجية والداخلية.
وهذه المناهج التي تعرض الآن وتخالف الاسلام وتختلف عنه والتي قد يتكلم اصحابها بحجة قد تكون مقنعه او لحنا في الكلام - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن من البيان لسحرا" - قد تنبأ بها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها "إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ".
علينا أن نتبع من كان يحمل راية إعزاز هذا الدين ومرضاة الله عز وجل وإتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال رب العالمين في كتابه الكريم :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} [الأحزاب: 36].
وحذر من ينخدع بالاسباب التي يدعيها البعض لعدم تحكيم الشريعة الإسلامية في هذا الوقت لأنها غير مناسبة للزمان أو المكان أو الظروف لان ذلك غير صحيح ولن تجد منهج يبحث للإنسان عن سعادة الدنيا والآخرة سوى المنهج الإسلامي كما حذر أن يسكت أهل الحق والعلم وألا يصدعوا به أمام هؤلاء.
كما نفى أن يكون الاسلام ضد العلم أو التعلم بل الدولة الإسلامية الصحيحة متقدمة علميًا وتعظم قيمة العلم والعلماء وفي نفس الوقت فإن المنهج العلماني لا يعود للعلم أو يُسمى به ولكنه يعود على العالم المنظور ولا يعترف بالبعث والحساب وهو نتاج ما أحدثته ديكتاتورية الكنيسة في عصور سابقة وتضييق على العلماء ما دفعهم للكفر بحكم الكنيسة ودينها للتحرر من تلك القبضة وهذا كله غير موجود عندنا في الإسلام بل إن "العلماء ورثة الأنبياء" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وتسائل .. ولماذا استورد منهج غربي طالما أن عندي منهج كامل متكامل؟ قد نأخذ بنظرية جديدة في الطب أو الفلك أو غيرها إذا كانت متوافقة مع الإسلام ولكن لا يمكن أن نستورد أمور القانون والتشريع لأنها نزلت في كتاب الله عز وجل وحذر من يقول بأنه علماني مسلم بأنه لا يستقيم الامرين فالإسلام يتعارض مع العلمانية والإسلام كل متكامل لا يمكن أن تأخذ ببعضه وتترك ببعض فمن يفعل ذلك لا يفهم طبيعة الدين.
وأن من يظن أن الشريعة تحرم حياة الناس وتحرمهم من ملذات الحياة مخطئ تمامًا فالأصل في الامور الإباحة والدليل أنه لا يستطيع أحد أن يعد الطعام المباح في حين أن الطعام المحرم يعد على أصابع اليدين ومثلها أمور الإقتصاد وذلك لأن الله عز وجل هو من خلقنا وهو من أنزل إلينا الشريعة التي تنظم حياتنا فلن تجد أفضل من دليل الصانع لتسير عليه صنعته.
كما ضرب عدة أمثلة من الدول الإسكندنافية وغيرها من الدول الاوروبية ذات الرفاهية العالية والتي تطبق تلك المناهج بأنها تمتلئ بحوادث الانتحار والجريمة وتعد تجارة الرقيق الابيض والسلاح والمخدرات من أكثر التجارات رواجًا في تلك الدول فماذ قدمت لهم تلك المناهج؟ وكيف كانت حلا لمشاكلهم؟ وهذا لأنها مناهج مادية ولا يوجد بها ما يوجد بالإسلام من صيانة للمادة والروح.
كما ضرب مثلاً هامًا للغاية يجب على كل مسلم ان يتفكر فيه فقد حدث مع سيدنا عمر بن الخطاب والذي قال عنه النبي أنه لو كان نبي بعدي لكان عمر فقد روي أن النبي وجد معه صحيفة من التوراة يقرأ فيها فاشتد غضبه صلى الله عليه وسلم وقال له "امتهوكون -أي متحيرون- فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لو كان موسى ابن عمران حيا ما وسعه إلا أن يتبعني".
وحضر اللقاء العديد من أبناء محافظة بورسعيد وقدم اللقاء الدكتور عصام عيد.
الفيديو
قصة الإسلام - موقع أنصار بورسعيد
القى فضيلة الأستاذ الدكتور راغب السرجاني محاضرة بعنوان المرجعية الإسلامية وضرورتها لنهضة مصر بمسجد التوفيقي ببورسعيد.
ووصف فضيلة الدكتور راغب السرجاني موضوع المحاضرة بأنه من أخطر الموضوعات التي ينبغي أن يتناولها المسلمون في زماننا الآن لأننا في فترة حساسة للغاية ليس في تاريخ مصر فقط ولكن في تاريخ العالم أجمع وقد شاء لنا الله أن نختبر في هذه الفترة ونسأل عنها إن السنة الحالية قد تكون حجر الزاوية التي تنطلق منها الأمة الإسلامية لمكانتها التي تستحقها {كنتم خير أمة اخرجت للناس}, وإن خيرية الأمة وشهادتها على الأمم السابقة لن تكون بدون تمسكها وحفظها للقرآن والسنة وهما المرجعية السليمة للأمة.
وفي هذه الفترة يتم عرض مناهج غير إسلامية تسمى ليبرالية وعلمانية ويتم الترويج لها بقوة في وسائل الإعلام المختلفة ويتسائل الناس ماذا نتبع وعلى أي منها نسير؟ وتأتي الإجابة بأنه لا يمكن أن نتبع سوى المنهج الإسلامي وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا" والتمسك يدل على أنه سوف يكون هناك سخرية وصعوبة واستهزاء وأيضًا لن تضلوا تشمل أننا لن نضل سياسيًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا أو حتى في علاقاتنا الخارجية والداخلية.
وهذه المناهج التي تعرض الآن وتخالف الاسلام وتختلف عنه والتي قد يتكلم اصحابها بحجة قد تكون مقنعه او لحنا في الكلام - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن من البيان لسحرا" - قد تنبأ بها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها "إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ".
علينا أن نتبع من كان يحمل راية إعزاز هذا الدين ومرضاة الله عز وجل وإتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال رب العالمين في كتابه الكريم :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} [الأحزاب: 36].
وحذر من ينخدع بالاسباب التي يدعيها البعض لعدم تحكيم الشريعة الإسلامية في هذا الوقت لأنها غير مناسبة للزمان أو المكان أو الظروف لان ذلك غير صحيح ولن تجد منهج يبحث للإنسان عن سعادة الدنيا والآخرة سوى المنهج الإسلامي كما حذر أن يسكت أهل الحق والعلم وألا يصدعوا به أمام هؤلاء.
كما نفى أن يكون الاسلام ضد العلم أو التعلم بل الدولة الإسلامية الصحيحة متقدمة علميًا وتعظم قيمة العلم والعلماء وفي نفس الوقت فإن المنهج العلماني لا يعود للعلم أو يُسمى به ولكنه يعود على العالم المنظور ولا يعترف بالبعث والحساب وهو نتاج ما أحدثته ديكتاتورية الكنيسة في عصور سابقة وتضييق على العلماء ما دفعهم للكفر بحكم الكنيسة ودينها للتحرر من تلك القبضة وهذا كله غير موجود عندنا في الإسلام بل إن "العلماء ورثة الأنبياء" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وتسائل .. ولماذا استورد منهج غربي طالما أن عندي منهج كامل متكامل؟ قد نأخذ بنظرية جديدة في الطب أو الفلك أو غيرها إذا كانت متوافقة مع الإسلام ولكن لا يمكن أن نستورد أمور القانون والتشريع لأنها نزلت في كتاب الله عز وجل وحذر من يقول بأنه علماني مسلم بأنه لا يستقيم الامرين فالإسلام يتعارض مع العلمانية والإسلام كل متكامل لا يمكن أن تأخذ ببعضه وتترك ببعض فمن يفعل ذلك لا يفهم طبيعة الدين.
وأن من يظن أن الشريعة تحرم حياة الناس وتحرمهم من ملذات الحياة مخطئ تمامًا فالأصل في الامور الإباحة والدليل أنه لا يستطيع أحد أن يعد الطعام المباح في حين أن الطعام المحرم يعد على أصابع اليدين ومثلها أمور الإقتصاد وذلك لأن الله عز وجل هو من خلقنا وهو من أنزل إلينا الشريعة التي تنظم حياتنا فلن تجد أفضل من دليل الصانع لتسير عليه صنعته.
كما ضرب عدة أمثلة من الدول الإسكندنافية وغيرها من الدول الاوروبية ذات الرفاهية العالية والتي تطبق تلك المناهج بأنها تمتلئ بحوادث الانتحار والجريمة وتعد تجارة الرقيق الابيض والسلاح والمخدرات من أكثر التجارات رواجًا في تلك الدول فماذ قدمت لهم تلك المناهج؟ وكيف كانت حلا لمشاكلهم؟ وهذا لأنها مناهج مادية ولا يوجد بها ما يوجد بالإسلام من صيانة للمادة والروح.
كما ضرب مثلاً هامًا للغاية يجب على كل مسلم ان يتفكر فيه فقد حدث مع سيدنا عمر بن الخطاب والذي قال عنه النبي أنه لو كان نبي بعدي لكان عمر فقد روي أن النبي وجد معه صحيفة من التوراة يقرأ فيها فاشتد غضبه صلى الله عليه وسلم وقال له "امتهوكون -أي متحيرون- فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لو كان موسى ابن عمران حيا ما وسعه إلا أن يتبعني".
وحضر اللقاء العديد من أبناء محافظة بورسعيد وقدم اللقاء الدكتور عصام عيد.
الفيديو
0 الثورة المصرية شكر واجب ( الموضوع الثانى لفريق التسويق الدعوى )
السبت، 19 فبراير 2011
التسميات:
نشاط الفريق
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدم لكم الموضوع الجديد لفريق التسويق الدعوى
بداية أعتذر عن التأخر فى طرح الموضوع الجديد للفريق
وأعدكم بمواصلة نشاط الفريق أن شاء الله
بالاضافة الى توزيع المهمات على أعضاء فريق التسويق
الثورة المصرية شكر واجب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونسترضيه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا أنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
وبعد فصلاة وسلاما دائمين متلازمين عليك يا سيدى يارسول الله
أما بعد
فأن العالم العربى يمر الان بمرحله من أهم مراحله حيث يسير على درب الحرية
والتخلص من الظغاة وقد شاهدنا الثورة التونسية والثورة المصرية وأنى أظن أنهم بداية لثورات فى جميع أنحاء الوطن العربى
وبما أن الثورة المصرية حاذت على قدر كبير من التغطية الاعلامية
فأنها ستكون موضوعنا الجديد
الثورة المصرية.. وشكر واجب
د. راغب السرجاني
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
لم أكن أتخيل أن هناك هذا اللون من السعادة الجماعية التي رأيتها عند سماع المصريين وغيرهم من أحرار العالم نبأ رحيل الطاغية مبارك.. لقد رأيت في ميدان التحرير وفي شوارع مصر عيون الناس وأفئدتهم وأصواتهم كلها تنطق بسعادة عجيبة لم أعهدها مطلقًا.. بل رأيت على شاشات التلفزيون نفس مظاهر السعادة في معظم البلاد العربية، وفي كثير من بلدان العالم الغربي..
لقد كان أمرًا مفرحًا حقًّا..
وإذا كانت هذه الفرحة قد دخلت قلوبنا جميعًا، فإننا يجب أن نقف وقفة ونقدِّم الشكر الواجب لكل من أسهم في إدخال هذه الفرحة في قلوبنا..
أولاً: الشكر والحمد والثناء والتبجيل لله رب العالمين:
اللهم يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك.. لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد أبدًا أبدًا..
لك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد.. أنزلت علينا نصرك، ودافعت عنا بجندك، وأكرمتنا بلطفك..
أنت الكريم.. أنت العظيم.. أنت الجليل..
بيضت وجوهنا، وأثلجت صدورنا، وسكَّنت قلوبنا.. ونوَّرت بصائرنا..
الأمر كله لك، والفضل كله لك، والحمد كله لك..
ما فعلنا شيئًا إلا بإذنك وتقديرك، وما حققنا نجاحًا إلا ببركتك وتوفيقك، وما ثبتنا حين مكر بنا الطغاة إلا بفضلك وتثبيتك..
أنت إلهنا وخالقنا ورازقنا وناصرنا.. نشكرك ونطمع في المزيد منك، فأنت القائل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]..
فعلِّمنا يا ربنا كيف نشكرك، وكيف نلجأ إليك، وكيف نتوكل عليك؛ فنحن بك أقوى من الدنيا جميعًا، ونحن بدونك لا شيء..
ثم بعد شكر الله ، نتلمس في قول رسولنا : "مَنْ لاَ يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ اللَّهَ"[1]، ما يُلزمنا بتقديم الشكر -بعد الله- لكل من أسهم في فرحتنا هذه.
ثانيًا: الشكر لشعب مصر الأصيل:
كثيرًا ما ظن الناس أنك قد صرت على هامش التاريخ، أو مت موتًا لا بعث له، لكنك أثبت أن هذه الظنون خاطئة، وأن هذه التوقعات بعيدة كل البعد عن الحقيقة..
فالشكر لكل فرد من أفرادك أسهم في هذه الثورة الحضارية بكل المقاييس..
الشكر للشباب الذين أشعلوا هذه الشرارة المباركة، والذين شاركوا في اللجان الشعبية الكثيفة التي قامت بدور الشرطة الغائبة..
والشكر للآباء والأمهات الذين قبلوا، بل شجعوا أولادهم وبناتهم على المشاركة الفعالة في هذا العمل الخطير..
والشكر للنساء والرجال الذين تعاونوا في ميدان التحرير على إخراج الصورة في أبدع شكل ممكن، فحرصوا على التكامل الرائع، حتى رأينا المستشفيات الميدانية، ولجان النظام، ولجان النظافة، ولجان الإذاعة، ولجان الضيوف، ولجان تأمين المكان، ولجان مقاومة البلطجية والمخبرين ورجال أمن الدولة..
والشكر لكل أفراد الشعب الذين تحملوا المشكلة الاقتصادية التي مرت بها مصر خلال تعطل الأعمال فيها..
والشكر لكل من رفع يده للسماء يدعو الله أن يثبت أهل الحق، ويزلزل أهل الباطل، وأن ييسر لهذه الأمة أمر خير ورشد..
حقًّا.. الشكر كل الشكر.. لكم يا شعب مصر العظيم.
ثالثًا: الشكر للقوى الوطنية الفعالة:
مع كون هذه الثورة شعبية بمعنى الكلمة، أي أنه شارك فيها كل أفراد الشعب رجالاً ونساء وأطفالاً، ومن كل الأطياف والتيارات، إلا أن هناك شكرًا خاصًّا لا بد أن يُوجَّه إلى مجموعة من القوى الوطنية، التي أسهمت بشكل فعَّال في إنجاح هذه الثورة..
وينبغي أن نوجِّه الشكر أولاً لمن أشعل شرارة الثورة، وهي المجموعات الشبابية التي تكوَّنت على شبكة الإنترنت، وكانت لها فعاليات مؤثرة في أثناء الشهور السابقة للثورة، ومنها مجموعة "كلنا خالد سعيد"؛ وخالد سعيد هو الشاب السكندريّ الذي مات تحت تعذيب رجلين من شرطة الإسكندرية. وحركة 6 إبريل التي تأسست في 6 إبريل 2008م، وكان الهدف من إنشائها التضامن مع العمال من أجل الحصول على حقوقهم. وكذلك مجموعة شباب الإخوان المسلمين، وهي مجموعة مكونة على الإنترنت، تتحرك بمعزل عن حركة الإخوان المسلمين الأم، إضافة إلى الحملة الشعبية لدعم البرادعي..
هذه المجموعات دعت إلى مظاهرة 25 يناير، وكانت البداية التي تطورت إلى الثورة المباركة..
نعم كانت أعداد هؤلاء الشباب قليلة بالقياس إلى أعداد المشاركين في الثورة بعد ذلك، لكنهم بدءوا الرحلة التي انتهت باقتلاع كثير من رموز الفساد في مصر، وما زالت تقتلع، ومن ثَم وجب تقديم الشكر لهم أولاً.
ثم يأتي في مقدمة الحركات الداعمة للثورة، والمؤثرة فيها جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة غنية عن التعريف، وأعضاؤها نشطون في معظم دول العالم، وهي أكبر تجمع إسلامي منظم في مصر، ولها مشاركات فاعلة مؤثرة قوية للغاية في المساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، وقد تحركت من بداية الثورة مع جموع الشباب في يوم 25 يناير 2011م، ثم دخلت بكل ثقلها في يوم الجمعة 28 يناير 2011م، والمعروفة بجمعة الغضب.
ومن المعروف أن جماعة الإخوان المسلمين من الجماعات المتميزة في قدرتها على الحشد، وكان لها الفضل الأكبر في تكثيف المشاركة في الثورة، وهم الذين تحملوا عبء يوم الأربعاء الدامي 2 فبراير 2011م، والذي هجمت فيه جموع بلطجية الحزب الوطني على المتظاهرين سلميًّا، وقال كثير من المشاركين في الثورة: إنه لولا ثبات الإخوان في هذا اليوم، لكانت النتيجة كارثية بكل المقاييس..
فالشكر كل الشكر لهم على وقفتهم الجريئة، والحق أن الحديث عنهم يحتاج إلى مقال منفصل؛ لئلا نبخسهم حقًّا من حقوقهم.
ولا ننسى أن نوجه الشكر إلى حركة "كفاية"، وهي حركة تأسست في سنة 2004م، تهدف إلى منع تمديد الحكم للرئيس حسني مبارك، ومنع توريثه لابنه جمال مبارك، وعلى الرغم من الانقسامات التي حدثت في صفوف "كفاية" إلا أن رموزها شاركوا في الثورة، وكان لهم تواجد ملموس في ميدان التحرير.
كما أحب أن أشير إلى أن هناك تجمعات أخرى وأحزابًا تستحق الشكر والثناء، ولم أحرص على الحصر في هذه العجالة، ولكن وقفت على أبرز المشاركين فقط.
رابعًا: الشكر للأبطال الشهداء:
ليست هناك ثورة حقيقية بلا شهداء، وكم سعدت برؤية شباب مصريين يُقبِلون على الموت بهذه الشجاعة! وقد أيقنت عندها أن الدور الملقى على عاتق مصر كبير للغاية. وأيقنت أيضًا أن هذه الروح الشجاعة ستكون بإذن الله سببًا في تحرير مصر من الفساد والظلم، وتحرير العالم الإسلامي من كافة المحتلين في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها، وليس ذلك على الله بعزيز.
لقد خرج هؤلاء الأطهار يدافعون عن حقوق مسلوبة، ويقفون في وجه طاغوت متكبر، وقد علمنا أن "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"[2]، فكيف بمن قُتل دون مال الأمة جميعًا؟ وعلمنا أن الذي يقول كلمة الحق عند سلطانٍ جائر مجاهدٌ[3].. فكيف بمن يُقتل في سبيل ذلك؟ إنه مع سيِّد الشهداء حمزة t، كما أخبر رسولنا [4].
فهنيئًا لكم أيها الشهداء, وهنيئًا لآبائكم وأمهاتكم وإخوانكم وأخواتكم، فأنتم ستشفعون لهم جميعًا بإذن الله تعالى, وأسأل الله أن يرضيكم في قبوركم ويوم بعثكم، كما أرضيتم مصر كلها بجهادكم.
خامسًا: الشكر للعلماء الذين أيدوا الثورة وباركوها:
كانت أسعد لحظات حياتي تلك الساعات اليومية التي أقضيها في ميدان التحرير.. لقد كنت أشعر أن الناس هناك مختلفون عن الناس في أي بقعة أخرى من مصر, وكنت أشعر أن ما تعلمته في الكتب على مدار السنين لا يبلغ معشار ما تعلمته في ميدان التحرير, ولقد كانت فرحتي غامرة عندما أرى الشباب يحيطون بي، يسألونني جميعًا بشغف وقلق: يا دكتور، ألسنا على الحق؟ فأطمئنهم وأثني عليهم وأبشِّرهم, وكانت أسئلتهم القلقة هذه تسعدني؛ لأنني أدركت أنهم يبحثون عن رضا الله, ومن كانت هذه حاله فالخير سيكون على يديه بإذن الله.
ومع ذلك فقد كنت أنا شخصيًّا أحتاج إلى تأييد وتثبيت من الله , وهذا يكون على أيدي العلماء المخلصين، فكنتُ أسعد كثيرًا بسماع آراء من أثق في دينهم وعلمهم يؤيِّدون حركتنا, ويشدون على أيدينا..
ويأتي في مقدمة هؤلاء -بلا جدال- العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، الذي كان واضحًا تمام الوضوح من اليوم الأول للثورة, والذي كانت كلماته تزرع اليقين في قلوب الثوار جميعًا.
أما في ميدان التحرير فكنت أسعد كل يوم برؤية رموز دعوية بارزة تقف مع الشباب في كل موضع.. تخطب وتهتف وتعلِّم وترشد.. وفي مقدمتهم أخي وحبيبي وصديقي الدكتور صفوت حجازي, وكذلك المستشار القدير محمد سليم العوا, والشيخ الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل, والشيخ الجليل أحمد هليل، وأستاذنا الدكتور جمال عبد الهادي, وحبيبي ورفيقي الدكتور العالم صلاح سلطان, والشيخ المجاهد الكبير حافظ سلامة, والشيخ الجليل الدكتور محمد عبد المقصود, وكذلك الشيخ العالم نشأت أحمد، وغيرهم من رموز العلم والدعوة, وأعتذر بشدة لو سقط اسم من العلماء الكرام لم يتم ذكره.
إن اتفاق هذه الكوكبة من العلماء والدعاة كان أمرًا رائعًا حقًّا, وأعاد إلى أذهاننا صورة العالم العامل الناصح المجاهد، وكان هذا من أكبر صور الدعم للثورة.
وإذا تحدثنا عن العلماء، فإنني أود أن أشير هنا إلى نقطتين مهمتين:
الأولى: هي أنني أحترم العلماء الذين كانت لهم وجهة نظر شرعية مغايرة لأمر الثورة, وبالتالي كانوا واضحين في إنكار مسألة الخروج في تظاهرة أو مسيرة تندِّد بسياسات الحاكم، أو تدعو إلى تنحيته.. أحترم رأيهم -وإن كنت أخالفهم- وقد أوضحت رأيي في مقال "إنها ليست فتنة 1/2", وسأكمل قريبًا -إن شاء الله- توضيح رؤيتي في مقالي الثاني "إنها ليست فتنة 2/2". ومع ذلك، فإنني كما ذكرت أحترم موقفهم الواضح، كما أحترم تغييرهم لمواقفهم عند تبدِّي الحقيقة لهم, فبعضهم عاد وأعلن صراحة أنه مع الثورة, ويعتبرها كلمة حق عند سلطان جائر.
فهذه كانت النقطة الأولى, وهي احترام العلماء المخالفين ما داموا واضحين..
أما النقطة الثانية فهي عدم موافقتي ولا اطمئناني إلى العلماء والدعاة الذين حاولوا -كما يقولون- أن يمسكوا العصا من منتصفها! فكلمة مع الثورة وكلمة ضدها, وتأييد للشباب ثم دعوتهم للتعقل وعدم الخروج في الثورة, وإعلان بشكلٍ ما في قناة, وإعلان بشكل آخر في قناة أخرى!!
هذا التردُّد, وهذه الرؤية الضبابية وضعت الشباب في حيرة من أمرهم, ولم يشعروا بالصدق في علمائهم ودعاتهم, بل شعروا أن العالم أو الداعية لا يقول رأيه متجردًا, إنما ينظر إلى مصلحته هو في المقام الأول.. فإحدى عينيه على الشباب الذين هم وقود دعوته، والذين هم طلبته وتلامذته, وعينه الأخرى على النظام الذي لا يريد أن يعاديه، فيخسر كثيرًا لو نجح النظام في قهر الثورة.
إنني لا أدعو العلماء أن يكونوا بلا أخطاء, فهذا مستحيل؛ لأن كل إنسان يُخطئ إلا المعصومين من الأنبياء والمرسلين, ولكن أدعوهم أن يكونوا واضحين في رؤيتهم, حاسمين لمواقفهم, متحملين لمسئولية كلمتهم, وهذا هو الذي يجعل لكلماتهم ومواقفهم مصداقية عند السامعين والأتباع.
سادسًا: الشكر للقوات المسلحة المصرية:
هناك علاقة عاطفية قوية بين الشعب المصري وجيشه! فالجيش في عين الشعب هو الحامي للوطن, المدافع عنه, المتجرد لنجدته.. وهم الرجال الذين يعانون في الصحراء، وعلى الحدود من أجل راحة المواطنين في بيوتهم..
والشكر كل الشكر للجيش المصري الذي حافظ على هذه العلاقة الحميمة بينه وبين الشعب في هذه الأزمة الطاحنة.. لقد بدا الجيش كالمنقذ لجموع الثوار من قوات البلطجية والحزب الوطني والشرطة وأمن الدولة, ووقف بدباباته ومصفحاته على المحاور المختلفة؛ ليبث الأمان في قلوب المصريين..
الشكر له على عدم تهوره بإطلاق رصاصة واحدة على مصري, والشكر له للقبض على المجرمين الذين أطلقتهم الشرطة المصرية, والشكر له على الابتسامة اللطيفة والرقة في التعامل مع الثوار, والشكر له على الأدب الجم في الكلمات والأفعال, وهذا في كل طبقات الجيش من أكبر قياداته إلى أصغر جنوده.
نعم، أشكر الجيش المصري كثيرًا, وإن كان هذا لا يمنعني من التعليق على عدم رضائي على سكوت الجيش على مجزرة يوم الأربعاء 2 فبراير 2011م, حيث التزم الحياد -كما صرح بذلك قادته- حتى لا يُتهم بالانحياز إلى أحد الفريقين!
وكان الأولى أن ينحاز إلى المظلوم على حساب الظالم, وأن يدافع عن المصري الأعزل الذي يواجه بلطجيًّا خارجًا على القانون..
أنا أتفهم أن الجيش هو مؤسسة داخل المنظومة السياسية الحاكمة للبلد, ولكن رؤية الظلم المتفاقم في يوم الأربعاء، كان من المفترض أن تجعله يقف في وجه الخيول والجمال والخناجر وقنابل المولوتوف.. لكن عمومًا كانت هذه مرة واحدة, وبعدها صار الجيش حاميًا حقيقيًّا لكل المصريين المشاركين في الثورة.
كما أنني أشكر الجيش على سلاسة قيادته للبلاد بعد تنحي الرئيس حسني مبارك, وعلى هدوئه في بياناته, وتقديره لحالة الشعب المنزعج من أنظمة الفساد, وعلى سرعة تعطيل الدستور, وحل مجلسي الشعب والشورى, وعلى منعه لرموز الحزب الوطني من السفر إلى حين التحقيق معها, وعلى منع السيد صفوت الشريف والدكتور فتحي سرور من دخول مجلس الشعب؛ لئلا تؤخذ أوراق قد تدين بعض الأطراف.
حفظ الله جيش مصر, وسدد رميته, وجعله مدافعًا عن الحق والعدل والكرامة.
سابعًا: الشكر لشعب تونس العظيم:
أكاد أجزم أن الله قد جعل شعب تونس العظيم سببًا مباشرًا في نجاح الثورة المصرية، فما حدث في تونس من ثورات متلاحقة قبل أحداث مصر بأسابيع، ونجاح الثورة التونسية في دفع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي للتنحي والهروب، جعل الأمر ممكنًا عند الشباب المصري بالجماعات والتنظيمات المعارضة، خاصة أن المعارضة في تونس كانت أضعف بكثير من المعارضة في مصر؛ نتيجة الحرب الشعواء المباشرة التي شنَّها زين العابدين على المعارضين في الـ 19 سنة الأخيرة (بداية من 1992م).
ومن هنا وجب تقديم الشكر للشعب التونسي المناضل الذي سار الشعب المصري في ركابه، وعرف المصريون أن التغيير ممكن، وأن التوحُّد على هدف واحد يجعل تحقيقه أمرًا قريبًا بإذن الله، وهذا ما جعل الأمل لا يموت في قلوب الثائرين حتى عند اللحظات المظلمة التي كانوا يتعرضون فيها للضغط الشديد من النظام الفاسد.
ويكفي للدلالة على اعتراف الشعب المصري بجميل الشعب التونسي، رؤية الأعلام التونسية تعانق الأعلام المصرية في ميدان التحرير، في ظاهرة حب عميق تستحق كثيرًا من الإعجاب.
ثامنًا: الشكر لكل الشعوب العربية والإسلامية وكذلك الشعوب العالمية الحرة:
كان من أروع المشاهد التي شاهدتها على شاشات الفضائيات مسيرات التأييد للثورة، والتي رأيناها في معظم العواصم العربية والإسلامية والأوربية والأمريكية، وكان اللافت للنظر أن المشاركين في هذه المسيرات لم يكونوا مصريين فقط، إنما كانوا من كل الجنسيات العربية والإسلامية، بل شارك فيها أوربيون وأمريكيون غير مسلمين؛ مما يدل على روعة التجانس الإنساني في قضايا العدل والحق. ومن ثَم وجب تقديم الشكر لكل هؤلاء الأحرار، ولقد رأيناهم يوزعون الحلوى والمشروبات عند نجاح الثورة المصرية في مشهد أبكاني كثيرًا، وجعلني أدرك أن الأمل في حياة كريمة على كوكب الأرض لا يمكن أن يموت.
تاسعًا: الشكر للقنوات الفضائية الإيجابية:
أسهمت بعض القنوات الفضائية بشكل مباشر في نجاح الثورة المصرية، ويأتي في مقدمتهم بلا جدال قناة الجزيرة، التي بذلت جهدًا خارقًا في نقل الصورة من داخل ميدان التحرير وغيره من الأماكن المشتعلة بالثورة، إضافة إلى التحليلات الكثيرة المفيدة والحوارات الناجحة.. بل إنها صارت في وقت انقطاع الإنترنت والاتصالات في مصر وسيلة التواصل بين المتظاهرين هنا وهناك، وكان تعاونها لافتًا لكل نظر.
ونوجه الشكر أيضًا لقنوات البي بي سي، وقناة الحرة، وقناة الحوار، وغيرها من القنوات التي تعاملت مع الأمر بصدق وشفافية، وهذا لم يكن مفيدًا للثورة فحسب، إنما كان كاشفًا لفساد الإعلام المصري الكاذب الذي تعامل مع الأمر بتقنيات القرن التاسع عشر، فخرج هزليًّا سخيفًا ضالاًّ مضلاًّ.
ولعل ما حدث أثناء هذه الثورة من نتائج إيجابية نتيجة الإعلام القوي، يلفت أنظار المسلمين إلى أهمية هذا السلاح الفعّال، ودوره في إصلاح الشعوب.
عاشرًا: الشكر لرموز كثيرة خاطرت بمركزها من أجل إنجاح الثورة:
لا ينبغي أن يغيب عنا أن هناك العديد من المصريين الذين يعيشون حياة مستقرة في ظل النظام القديم، ومع ذلك فقد قاموا يؤيدون الثورة ويدافعون عنها؛ مما يعرضهم لخسارة كبيرة في حال فشل الثورة، لكن اتّباع الحق كان واضحًا في سلوكهم؛ مما يجعلنا نوجه لهم الشكر الجزيل على هذا الأمر، وهم رموز كثيرة يصعب حصرها في هذا المقال، منها رموز سياسية، ومنها رموز اقتصادية، ومنها رموز رياضية وفنية، ومنها رموز إعلامية، ومنها رموز دينية.. فجزاهم الله خيرًا كثيرًا، وأسأله I أن يجعل عملهم خالصًا لله..
تلك عشرة كاملة!
لقد كانت الثورة المصرية ملحمة بكل المقاييس، تضافرت فيها جهود كثيرة، واجتمعت على إنجاحها عوامل شتى، لكن أنهي مقالي بما بدأته به، أن هذا كله ما كان يجدي نفعًا، ولا يحدث أثرًا لولا فضل الله ، الذي أراد لهذه الأمة الخير، فكلل جهودها بالنجاح..
فلله الحمد في الأولى والآخرة..
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
ونسال الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه الترمذي (1954)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[2] رواه البخاري (2348)، ومسلم (141).
[3] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر". رواه أبو داود (4344)، والنسائي (4209)، وابن ماجه (4011)، وصححه الألباني.
[4] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله". رواه السيوطي في الجامع الصغير (5988)، وقال الألباني: حسن. انظر حديث رقم (3675) في صحيح الجامع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
روابط دعوية مهمة
لا يمكن أن ننسى الثورة التونسية فهي المحركة لباقى الثورات وأخواننا فى تونس هم من تحملوا عبء الريادة
مقالات الثورة
مالتيمديا الثورة
0 فى ظلال الهجرة ( الموضوع الاول لفريق التسويق الدعوى )
السبت، 11 ديسمبر 2010
التسميات:
نشاط الفريق
فى ظلال الهجرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونسترضيه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا أنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
وبعد فصلاة وسلاما دائمين متلازمين عليك يا سيدى يارسول الله
أما بعد
مع تتابع الأيام، ومرور الشهور والأعوام، يأتي حادث هجرة الرسول من مكة المكرَّمة إلى المدينة المنورة ليذكرنا دائمًا بمجموعة من الدروسوالعبر غاية في الأهمية، وقد أبدع العلماءُ والكتّابُ قديمًا وحديثًا فياستخراج هذه الدروس وتلك العبر .بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونسترضيه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا أنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
وبعد فصلاة وسلاما دائمين متلازمين عليك يا سيدى يارسول الله
أما بعد
مقدمة
بعد أن نجحت بيعة العقبة الثانية، وأصبح الأنصار يمثلون عددًا لا بأس به في المدينة المنورة وَقبِل الأنصار أن يستقبلوا رسول الله ، وأن يحموه مما يحمون منه نساءهم وأبناءهم وأموالهم.. بعد كل هذه الأمور العظيمة، والتي حدثت في فترة وجيزة جدًّا، جاء الوحي إلى رسول الله يأذن له بفتح باب الهجرة لأصحابه إلى المدينة المنورة.
كل من يستطيع أن يهاجر فليهاجر، بل يجب أن يهاجر. يستوي في ذلك الضعفاء والأقوياء.. الفقراء والأغنياء.. الرجال والنساء.. الأحرار والعبيد.
الكل يجب أن يهاجر إلى المدينة.. فهناك مشروع ضخم سيُبنى على أرض المدينة.. وهو مشروع يحتاج إلى كل طاقات المسلمين.. هذا هو مشروع إقامة الأمة الإسلامية.. ولن يسمح لمسلم صادق بالقعود عن المشاركة في بناء هذا الصرح العظيم.
انظروا إلى الآيات تتحدث عن الهجرة:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 97- 99].
الهجرة لم تكن أمرًا سهلاً ميسورًا.. الهجرة لم تكن ترك بلد ما إلى بلد ظروفه أفضل، وأمواله أكثر (ليست عقد عمل بأجر أعلى).. الهجرة كانت تعني ترك الديار.. وترك الأموال.. وترك الأعمال.. وترك الذكريات.. الهجرة كانت ذهابًا للمجهول.. لحياة جديدة.. لا شك أنها ستكون شاقة.. وشاقة جدًّا.. الهجرة كانت تعني الاستعداد لحرب هائلة.. حرب شاملة.. ضد كل المشركين في جزيرة العرب.. بل ضد كل العالمين.. الحرب التي صوَّرها الصحابي الجليل العباس بن عبادة الأنصاري t على أنها الاستعداد لحرب الأحمر والأسود من الناس.
هذه هي الهجرة.. ليست هروبًا ولا فرارًا، بل كانت استعدادًا ليوم عظيم، أو لأيام عظيمة؛ لذلك عظّم الله جدًّا من أجر المهاجرين {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج: 58، 59].
صدر الأمر النبوي لجميع المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، لكن لم يبدأ هو في الهجرة إلا بعد أن هاجر الجميع إلى المدينة.. فلم يكن من همه أن ينجو بنفسه، وأن يُؤَمِّنَ حاله، وأن يحافظ على أمواله.. إنما كان كل همه أن يطمئن على حال المسلمين المهاجرين.. كان يتصرف كالربّان الذي لا يخرج من سفينته إلا بعد اطمئنانه على كل الركاب أنهم في أمان.. فالقيادة عنده ليست نوعًا من الترف أو الرفاهية، إنما القيادة مسئولية وتضحية وأمانة.
بعض الملامح المهمة لهجرة المسلمين
(1) الاهتمام بقضية النية.. لماذا تهاجر؟
روى البخاري عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ t أن رَسُولَ اللَّهِ قال: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
ومع أن الهجرة للزواج ليست محرمة، ومع أن الهجرة لإصابة الدنيا الحلال ليست محرمة، لكن هذه هجرة ليست كالهجرة لبناء أمة إسلامية.
وهيهات أن يكون الذي ترك كل ما يملك ابتغاء مرضات الله، وسعيًا لإنشاء أمة إسلامية، ورغبةً في تطبيق شرع الله في الأرض.. كالذي عاش لحياته فقط، وإن كانت حياتُه حلالاً!!
(2) الهجرة الكاملة لكل المسلمين لم تكن إلا بعد أن أُغلقت أبواب الدعوة تمامًا في مكة.. وقد أغلقت أبواب الدعوة منذ ثلاث سنوات.. بعد موت أبي طالب والسيدة خديجة رضي الله عنها.. ومنذ ذلك التاريخ، والرسول أراد أن تكون الهجرة إلى المدينة المنورة. يخطِّط للهجرة.. وكان من الممكن أن يكون مكان الهجرة مختلفًا عن المدينة لو آمن وفد من الوفود التي دعاها الرسول إلى الإسلام مثل بني شيبان أو بني حنيفة أو بني عامر، ولكن الله
فليس المهم هو المكان، ولكن المهم هنا ملاحظة أن الهجرة لم تكن نوعًا من الكسل عن الدعوة في مكة، أو "الزهق" من الدعوة في مكة.. أبدًا.. الدعوة في مكة من أول يوم وهي صعبة، ولكن ما ترك المسلمون بكاملهم البلد إلا بعد أن أُغلقت تمامًا أبواب الدعوة.. أما إذا كانت السبل للدعوة مفتوحة -ولو بصعوبة- فالأولى البقاء لسد الثغرة التي وضعك الله عليها.
(3) الهجرة كانت للجميع، وذلك على خلاف الهجرة إلى الحبشة والتي كانت لبعض الأفراد دون الآخرين.. والسبب أن طبيعة المكان وظروفه تختلف من الحبشة إلى المدينة؛ فالمسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا يريدون حفظ أنفسهم في مكان آمن حتى لا يستأصل الإسلام بالكلية إذا تعرض المسلمون في مكة للإبادة، ولم يكن الغرض هو إقامة حكومة إسلامية في الحبشة، بل كان المسلمون مجرد لاجئين إلى ملك عادل. أما الهجرة إلى المدينة فكان الغرض منها إقامة دولة إسلامية تكون المدينة هي المركز الرئيسي لها.
ولماذا تصلح المدينة لإقامة الأمة الإسلامية ولا تصلح الحبشة؟
إن هذا ليس راجعًا إلى عامل البُعْد عن مكة واختلاف اللغة واختلاف التقاليد فقط، وإن كانت هذه عوامل مهمة، ولكن الاختلاف الرئيسي -في نظري- هو أن الاعتماد في الحبشة كان على رجل واحد هو النجاشي -ملك لا يظلم عنده أحد- فإذا مات هذا الرجل أو خلع، فإن المسلمين سيصبحون في خطر عظيم.. وقد كاد أن يحدث ذلك، ودارت حرب أهلية كاد النجاشي فيها أن يفقد ملكه، فما كان من النجاشي إلا أن يسر سبيل الهروب للمسلمين المهاجرين عنده.. فهو لا يملك لهم إلا هذا.. هذا كان الوضع في الحبشة.. أما في المدينة المنورة فالهجرة لم تكن تعتمد على رجل معين، بل تعتمد على شعب المدينة.. والجو العام في المدينة أصبح محبًّا للإسلام، أو على الأقل أصبح قابلاً للفكرة الإسلامية، ومِن ثَمَّ كانت الهجرة إلى هناك هجرة جماعية كاملة.
(4) الهجرة لم تكن عشوائية، بل كانت بأمر القيادة إلى مكان معين.. وهذا الذي أدى إلى نجاح الهجرة وقيام الأمة.. أما أن يهاجر فلان إلى مكان كذا، ويهاجر آخر إلى مكان كذا.. ويتفرق المسلمون.. فهذا وإن كان يكتب نجاة مؤقتة للأفراد، إلا أنه لا يقيم أمة.. وعلى المسلمين الفارين بدينهم من ظلم ما أن يفقهوا هذا الأمر جيدًا.
الهجرة النبوية إلى المدينة كانت هجرة منظمة مرتبة، أُعِدَّ لها بصبر وبحكمة وبسياسة وفقه، فالعشوائية ليست من أساليب التغيير في الإسلام.
(5) بهذه الهجرة الناجحة تمت مرحلة مهمة -بل مهمة جدًّا- من مراحل السيرة النبوية، وهي المرحلة المكية.. لقد تمت هذه المرحلة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها.
وهي مرحلة ذات طابع خاص جدًّا.. بدأ الإسلام فيها غريبًا، واستمر غريبًا إلى قرب نهايتها.. إلى أن آمن الأنصار.. رضي الله عنهم ورضي الله عن المهاجرين، وعن صحابة رسول الله أجمعين.
كان الاهتمام الرئيسي لرسول الله في هذه المرحلة أن يبني الجانب العقائدي عند الصحابة.. فلا يؤمنون بإله غير الله.. ولا يتوجهون بعبادة لأحد سواه.. ولا يطيعون أحدًا يخالف أمره.. وهم يتوكلون عليه، وينيبون إليه، ويخافون عذابه، ويرجون رحمته.
إيمان عميق برب العالمين.. وإيمان برسوله الكريم ، وبإخوانه من الأنبياء والمرسلين.. واعتقاد جازم بأن هناك يومًا سيبعث فيه الخلائق أجمعون.. سيقوم فيه الناس لرب العالمين يحاسبون على ما يعملون.. لن يُظلم في ذلك اليوم أحد.. لن تُغفل الذرة والقطمير.. إنها والله إمَّا الجنة أبدًا أو النار أبدًا.
وإلى جانب العقيدة الراسخة فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الأخلاق الحميدة، والخصال الرفيعة.. هذبت نفوسهم.. وسمت بأرواحهم.. وارتفعوا عن قيم الأرض وأخلاق الأرض وطبائع الأرض.. إلى قيم السماء وأخلاق السماء وطبائع السماء.. لقد نزل الميزان الحق الذي يستطيع الناس به أن يقيموا أعمالهم بصورة صحيحة.
وعرف المؤمنون في هذه المرحلة أن الطريق الطبيعي للجنة طريق شاق صعب.. مليء بالابتلاءات والاختبارات.. ما تنتهي من امتحان إلا وهناك امتحان آخر.. تعب كلها الحياة.. والله يراقب العباد في صبرهم ومصابرتهم وجهادهم.. ولن يُستثنى أحد من الاختبار.. ويُبتلى المرء على حسب دينه.
لقد كانت الفترة المكية -يا إخواني- بمنزلة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل.. ومن المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبَدْر وكالأحزاب وكخَيْبر وكتَبوك، دون المرور على فترة مكة.
ومن المستحيل أيضًا أن تبنى أمة صالحة، أو تنشأ دولةً قوية، أو تخوض جهادًا ناجحًا، أو تثبت في قتال ضار.. إلا بعد أن تعيش في فترة مكة بكل أبعادها.
وعلى الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق، وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث -وإن قصر وقته أو صغر حجمه- وقوفًا طويلاً طويلاً.
فهنا البداية التي لا بد منها..
وبغير مكة لن تكون هناك المدينة..
وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار..
وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين.
الكل يجب أن يهاجر إلى المدينة.. فهناك مشروع ضخم سيُبنى على أرض المدينة.. وهو مشروع يحتاج إلى كل طاقات المسلمين.. هذا هو مشروع إقامة الأمة الإسلامية.. ولن يسمح لمسلم صادق بالقعود عن المشاركة في بناء هذا الصرح العظيم.
انظروا إلى الآيات تتحدث عن الهجرة:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 97- 99].
الهجرة لم تكن أمرًا سهلاً ميسورًا.. الهجرة لم تكن ترك بلد ما إلى بلد ظروفه أفضل، وأمواله أكثر (ليست عقد عمل بأجر أعلى).. الهجرة كانت تعني ترك الديار.. وترك الأموال.. وترك الأعمال.. وترك الذكريات.. الهجرة كانت ذهابًا للمجهول.. لحياة جديدة.. لا شك أنها ستكون شاقة.. وشاقة جدًّا.. الهجرة كانت تعني الاستعداد لحرب هائلة.. حرب شاملة.. ضد كل المشركين في جزيرة العرب.. بل ضد كل العالمين.. الحرب التي صوَّرها الصحابي الجليل العباس بن عبادة الأنصاري t على أنها الاستعداد لحرب الأحمر والأسود من الناس.
هذه هي الهجرة.. ليست هروبًا ولا فرارًا، بل كانت استعدادًا ليوم عظيم، أو لأيام عظيمة؛ لذلك عظّم الله جدًّا من أجر المهاجرين {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج: 58، 59].
صدر الأمر النبوي لجميع المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، لكن لم يبدأ هو في الهجرة إلا بعد أن هاجر الجميع إلى المدينة.. فلم يكن من همه أن ينجو بنفسه، وأن يُؤَمِّنَ حاله، وأن يحافظ على أمواله.. إنما كان كل همه أن يطمئن على حال المسلمين المهاجرين.. كان يتصرف كالربّان الذي لا يخرج من سفينته إلا بعد اطمئنانه على كل الركاب أنهم في أمان.. فالقيادة عنده ليست نوعًا من الترف أو الرفاهية، إنما القيادة مسئولية وتضحية وأمانة.
بعض الملامح المهمة لهجرة المسلمين
(1) الاهتمام بقضية النية.. لماذا تهاجر؟
روى البخاري عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ t أن رَسُولَ اللَّهِ قال: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
ومع أن الهجرة للزواج ليست محرمة، ومع أن الهجرة لإصابة الدنيا الحلال ليست محرمة، لكن هذه هجرة ليست كالهجرة لبناء أمة إسلامية.
وهيهات أن يكون الذي ترك كل ما يملك ابتغاء مرضات الله، وسعيًا لإنشاء أمة إسلامية، ورغبةً في تطبيق شرع الله في الأرض.. كالذي عاش لحياته فقط، وإن كانت حياتُه حلالاً!!
(2) الهجرة الكاملة لكل المسلمين لم تكن إلا بعد أن أُغلقت أبواب الدعوة تمامًا في مكة.. وقد أغلقت أبواب الدعوة منذ ثلاث سنوات.. بعد موت أبي طالب والسيدة خديجة رضي الله عنها.. ومنذ ذلك التاريخ، والرسول أراد أن تكون الهجرة إلى المدينة المنورة. يخطِّط للهجرة.. وكان من الممكن أن يكون مكان الهجرة مختلفًا عن المدينة لو آمن وفد من الوفود التي دعاها الرسول إلى الإسلام مثل بني شيبان أو بني حنيفة أو بني عامر، ولكن الله
فليس المهم هو المكان، ولكن المهم هنا ملاحظة أن الهجرة لم تكن نوعًا من الكسل عن الدعوة في مكة، أو "الزهق" من الدعوة في مكة.. أبدًا.. الدعوة في مكة من أول يوم وهي صعبة، ولكن ما ترك المسلمون بكاملهم البلد إلا بعد أن أُغلقت تمامًا أبواب الدعوة.. أما إذا كانت السبل للدعوة مفتوحة -ولو بصعوبة- فالأولى البقاء لسد الثغرة التي وضعك الله عليها.
(3) الهجرة كانت للجميع، وذلك على خلاف الهجرة إلى الحبشة والتي كانت لبعض الأفراد دون الآخرين.. والسبب أن طبيعة المكان وظروفه تختلف من الحبشة إلى المدينة؛ فالمسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا يريدون حفظ أنفسهم في مكان آمن حتى لا يستأصل الإسلام بالكلية إذا تعرض المسلمون في مكة للإبادة، ولم يكن الغرض هو إقامة حكومة إسلامية في الحبشة، بل كان المسلمون مجرد لاجئين إلى ملك عادل. أما الهجرة إلى المدينة فكان الغرض منها إقامة دولة إسلامية تكون المدينة هي المركز الرئيسي لها.
ولماذا تصلح المدينة لإقامة الأمة الإسلامية ولا تصلح الحبشة؟
إن هذا ليس راجعًا إلى عامل البُعْد عن مكة واختلاف اللغة واختلاف التقاليد فقط، وإن كانت هذه عوامل مهمة، ولكن الاختلاف الرئيسي -في نظري- هو أن الاعتماد في الحبشة كان على رجل واحد هو النجاشي -ملك لا يظلم عنده أحد- فإذا مات هذا الرجل أو خلع، فإن المسلمين سيصبحون في خطر عظيم.. وقد كاد أن يحدث ذلك، ودارت حرب أهلية كاد النجاشي فيها أن يفقد ملكه، فما كان من النجاشي إلا أن يسر سبيل الهروب للمسلمين المهاجرين عنده.. فهو لا يملك لهم إلا هذا.. هذا كان الوضع في الحبشة.. أما في المدينة المنورة فالهجرة لم تكن تعتمد على رجل معين، بل تعتمد على شعب المدينة.. والجو العام في المدينة أصبح محبًّا للإسلام، أو على الأقل أصبح قابلاً للفكرة الإسلامية، ومِن ثَمَّ كانت الهجرة إلى هناك هجرة جماعية كاملة.
(4) الهجرة لم تكن عشوائية، بل كانت بأمر القيادة إلى مكان معين.. وهذا الذي أدى إلى نجاح الهجرة وقيام الأمة.. أما أن يهاجر فلان إلى مكان كذا، ويهاجر آخر إلى مكان كذا.. ويتفرق المسلمون.. فهذا وإن كان يكتب نجاة مؤقتة للأفراد، إلا أنه لا يقيم أمة.. وعلى المسلمين الفارين بدينهم من ظلم ما أن يفقهوا هذا الأمر جيدًا.
الهجرة النبوية إلى المدينة كانت هجرة منظمة مرتبة، أُعِدَّ لها بصبر وبحكمة وبسياسة وفقه، فالعشوائية ليست من أساليب التغيير في الإسلام.
(5) بهذه الهجرة الناجحة تمت مرحلة مهمة -بل مهمة جدًّا- من مراحل السيرة النبوية، وهي المرحلة المكية.. لقد تمت هذه المرحلة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها.
وهي مرحلة ذات طابع خاص جدًّا.. بدأ الإسلام فيها غريبًا، واستمر غريبًا إلى قرب نهايتها.. إلى أن آمن الأنصار.. رضي الله عنهم ورضي الله عن المهاجرين، وعن صحابة رسول الله أجمعين.
كان الاهتمام الرئيسي لرسول الله في هذه المرحلة أن يبني الجانب العقائدي عند الصحابة.. فلا يؤمنون بإله غير الله.. ولا يتوجهون بعبادة لأحد سواه.. ولا يطيعون أحدًا يخالف أمره.. وهم يتوكلون عليه، وينيبون إليه، ويخافون عذابه، ويرجون رحمته.
إيمان عميق برب العالمين.. وإيمان برسوله الكريم ، وبإخوانه من الأنبياء والمرسلين.. واعتقاد جازم بأن هناك يومًا سيبعث فيه الخلائق أجمعون.. سيقوم فيه الناس لرب العالمين يحاسبون على ما يعملون.. لن يُظلم في ذلك اليوم أحد.. لن تُغفل الذرة والقطمير.. إنها والله إمَّا الجنة أبدًا أو النار أبدًا.
وإلى جانب العقيدة الراسخة فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الأخلاق الحميدة، والخصال الرفيعة.. هذبت نفوسهم.. وسمت بأرواحهم.. وارتفعوا عن قيم الأرض وأخلاق الأرض وطبائع الأرض.. إلى قيم السماء وأخلاق السماء وطبائع السماء.. لقد نزل الميزان الحق الذي يستطيع الناس به أن يقيموا أعمالهم بصورة صحيحة.
وعرف المؤمنون في هذه المرحلة أن الطريق الطبيعي للجنة طريق شاق صعب.. مليء بالابتلاءات والاختبارات.. ما تنتهي من امتحان إلا وهناك امتحان آخر.. تعب كلها الحياة.. والله يراقب العباد في صبرهم ومصابرتهم وجهادهم.. ولن يُستثنى أحد من الاختبار.. ويُبتلى المرء على حسب دينه.
لقد كانت الفترة المكية -يا إخواني- بمنزلة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل.. ومن المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبَدْر وكالأحزاب وكخَيْبر وكتَبوك، دون المرور على فترة مكة.
ومن المستحيل أيضًا أن تبنى أمة صالحة، أو تنشأ دولةً قوية، أو تخوض جهادًا ناجحًا، أو تثبت في قتال ضار.. إلا بعد أن تعيش في فترة مكة بكل أبعادها.
وعلى الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق، وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث -وإن قصر وقته أو صغر حجمه- وقوفًا طويلاً طويلاً.
فهنا البداية التي لا بد منها..
وبغير مكة لن تكون هناك المدينة..
وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار..
وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين.
(6) الهجرة وإن كانت حدثًا تاريخيًّا مر منذ مئات السنين، ولا يستطيع أحد بعد جيل المهاجرين أن يحققه، وذلك كما قال الرسول فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ"؛ إلا أن الرسول فتح باب العمل للمسلمين الذين يأتون بعد ذلك، فقال في نفس الحديث: "وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". فالجهاد والبذل والحركة والعمل في سبيل الله لن يتوقف أبدًا في الدنيا، والسعيد حقًّا هو من انشغل بعمله عن قوله، وبنفسه عن غيره، وبآخرته عن دنياه.
(7) أول مراحل الهجرة هي ترك المعاصي، والبُعْد عن مواطن الشبهات، ولن ينصر الدين رجل غرق في شهواته، والمعروف أن ترك المعاصي مقدم على فعل فضائل الأعمال، والإنسان قد يُعذر في ترك قيام أو صيام نفل أو صدقة تطوع، لكنه لا يُعذر في فعل معصية، وذلك كما قال الرسول فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t: "إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"؛ ولذلك عرَّف الرسول المهاجر الحقيقي بتعريف عميق من جوامع كلمه ، فقال فيما رواه أحمد عن عبد الله بن عمروإِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ". رضي الله عنهما: "
د. راغب السرجاني(7) أول مراحل الهجرة هي ترك المعاصي، والبُعْد عن مواطن الشبهات، ولن ينصر الدين رجل غرق في شهواته، والمعروف أن ترك المعاصي مقدم على فعل فضائل الأعمال، والإنسان قد يُعذر في ترك قيام أو صيام نفل أو صدقة تطوع، لكنه لا يُعذر في فعل معصية، وذلك كما قال الرسول فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t: "إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"؛ ولذلك عرَّف الرسول المهاجر الحقيقي بتعريف عميق من جوامع كلمه ، فقال فيما رواه أحمد عن عبد الله بن عمروإِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ". رضي الله عنهما: "
فما أحوج المسلمين اليوم إلى هجرة إلى الله ورسوله: هجرة إلى الله بالتمسك بحبله المتين وتحكيم شرعه القويم، وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، باتباع سنته، والاقتداء بسيرته، فإن فعلوا ذلك فقد بدأوا السسير في الطريق الصحيح، وبدأوا يأخذون بأسباب النصر، وما النصر إلى من عند الله.
الى كل
الغيورون على أمة الإسلام، يا من احترقت قلوبهم لآلامها، نعمَّا هذا الألم! وما أصدقه على إيمانكم وحبكم لدينكم! ولكن لا يبلغن بكم اليأس مبلغه؛ فإن الذي أهلك فرعون وعادًا وثمود وأصحاب الأيكة، والذي رد التتار ودحر الصليبيين قادرٌ على أن يمزق شمل الروس، ويبدد غطرسة الصهيونية، ويحطم أصنام الوثنية المعاصرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
روابط دعوية مهمة
روابط دعوية مهمة